الاثنين، 22 سبتمبر 2008

‏"لوبيبي السريع" ‏

اللاعب الأولمبي لوبيز لومونغ مثال يحتذي به وسط باقي اللاجئين السودانيين في العالم


‏"عندما كُنّا في أفريقيا، لم نكن ندري ماذا سيجلب لنا المستقبل، بل ككل الأطفال الباقين كنا نركض هربا. أما الله فكَانَ يُخطّطُ كُلّ هذه الأمور ‏لي دون أن أدري. والآن أركض ليسمع العالم عن الأشياء الفظيعة التي تحدث في السودان أثناء الحربِ. أحياناً لا يتم عرض هذه الأشياءِ ‏على قناة السي إن إنِ، وأنا أتمنى أن يسمع الناس بما يجري عبر ما أقوله. حاليا تحدث أشياء فظيعة مماثلة باستمرار في دارفور. الناسُ ‏يهربون ركضا من دارفور، وأنا أضع نفسي في مكانهم."‏

يتذكر فورتوناتو لونجوك كيف كان يسابق ابن عمه لوبيز لومونغ حول معسكر اللاجئين في كينيا حيث قضيا معا عشرة أعوام قبل مجيئهم ‏إلى نيو يورك عام 2001. ويقول فورتوناتو بأنهم لم يكن ليحلم حتى بأن لوبيز كان يستعد لاحتراف الركض أو أن الأمر سيصل به ‏للركض في الأولمبياد. ‏

وهذا الشهر كان فورتوناتو واحدا من 50 عضوا في الجالية السودانية بنيو يورك ممن تجمعوا للاحتفاء بلوبيز لومونغ، احد "الأطفال ‏المفقودين" من السودان، لدى عودته من أولمبياد بكين حيث مثل الولايات المتحدة الأمريكية وقاد فريقها عند مراسم الافتتاح. ‏

‏"لم أكن لأعتقد بأن هناك مستقبل في احتراف الركض" أضاف فورتوناتو، "ولكن لوبيز ألهمني لأري بأن أمامنا مستقبل باهر. إذا استطاع ‏هو القيام بذلك، فسوف أنجح أنا أيضا." وقال الباقون بأن انجازات لوبيز جذبت انتباه الآخرين نحو ما يحدث في جنوب السودان من مآسي ‏وفي نفس الوقت ألهمت الشباب السوداني من اللاجئين وجعلتهم يتابعون أحلامهم. ‏

‏"نشعر بأننا أسرته هنا. فهو لا يعرف مكانا لأمه أو أبيه، لذا نحن أمهاته وأبائه." قالت روزا أبيت التي استوطنت سيراكروز منذ سبع ‏سنوات مضت. "وعندما رأيناه يحمل العلم الأمريكي أثناء الافتتاح لم نشعر بأن العلم أمريكي بل شعرنا أنه يحمل علمنا نحن." ‏

كان لوبيز يبلغ من العمر 6 سنوات عندما أخذته قوات الدفاع الشعبي عنوة من الكنسية أثناء حضوره القداس بقرية بويا ليستعملونه في ‏البحث عن الألغام، ولكنه هرب منهم وانتهى به الأمر في معسكر لاجئين في كينيا. وهو يتذكر كيف ركض لثلاث أيام وسط الأحراش تاركا ‏خلفه والديه وأخوين يصغرانه سنا. وبعد ثلاث أيام وصل إلى معسكر للاجئين تديره الكنيسة الكاثوليكية على الحدود بين السودان وكينيا. ‏وبالرغم من أنه فقد أسرته، إلا أنه يقول بأنه من القلة المحظوظة – "هناك آلاف من الأطفال قتلتهم قوات الشمال، أو غرقوا محاولين ‏عبور الأنهار أو قضت عليهم الحيوانات المتوحشة،" يضيف. "ولم يبقى من البنات إلا القلة، فقد عمدت قوات الشماليين إلى اغتصابهن أو ‏خطفهن أو قتلهن."‏
وبعد انتظار دام عشر سنوات اعتقد فيها لوبيز بأنه سيقضي باقي حياته بالمعسكر، جاءت منظمة كاثوليكية تعمل مع اللاجئين الأطفال إلى ‏المعسكر في محاولة إعطاءهم فرصة للحياة الطبيعية. وعندما سألوا لوبيز ماذا سيفعل إذا سافر إلى أمريكا أجاب أنه يريد أن يكون حرا ‏طليقا وسعيدا. وعند وصوله إلى الولايات المتحدة تبنته هو وخمسة من الصبية الآخرين أسرة روجرز من ولاية نيو يورك. وتطلب الأمر ‏بعض الوقت حتى تأكد لوبيز من أنه يستطيع الثقة في أسرته الجديدة وأنه بات له مكان يعيش فيه آمنا. ‏

‏"إن لوبيز يلهم الآخرين لأنه بلغ ما بلغه بالعمل الشاق والانضباط." قال الآب داريوس أوليها ماكوجا، وهو سوداني يعمل أستاذا زائرا ‏بكلية لا موين. "لقد جعلنا نشعر بالفخر وجعل العالم يسمع عنا. وهو رياضي ممتاز وقدوة للمهاجرين الشباب. وقد أشعل الأمل في فلوب ‏أبنائنا وبناتنا الساعين إلى السلام في السودان."‏

وينوي لوبيز بناء عيادة طبية ومكتبة في قريته في السودان. "أعتقد أنه عمل جيد أن أنير الطريق أمام الشباب، لأن الكثيرين منهم ‏يعتقدون بأنه مسدود أمامهم. أريد لقصتي أن تلهمهم للسعي إلى الأمام." ‏

ولوبيز طالب في السنة الأخيرة بجامعة شمال أريزونا ويعتبر من خيرة محترفي الركض في أمريكا. "دائما أقول لنفسي بأني لا أريد ‏المكانة الثانية، بل الفوز." يقول لوبيز عن نجاحاته الرياضية. وهو يرتدي دائما خاتما أهدته له والدته بالتبني، بربارا روجرز، قائلا بأنه ‏يجلب له الحظ. ‏


ليست هناك تعليقات: