اللاعب الأولمبي لوبيز لومونغ مثال يحتذي به وسط باقي اللاجئين السودانيين في العالم
"عندما كُنّا في أفريقيا، لم نكن ندري ماذا سيجلب لنا المستقبل، بل ككل الأطفال الباقين كنا نركض هربا. أما الله فكَانَ يُخطّطُ كُلّ هذه الأمور لي دون أن أدري. والآن أركض ليسمع العالم عن الأشياء الفظيعة التي تحدث في السودان أثناء الحربِ. أحياناً لا يتم عرض هذه الأشياءِ على قناة السي إن إنِ، وأنا أتمنى أن يسمع الناس بما يجري عبر ما أقوله. حاليا تحدث أشياء فظيعة مماثلة باستمرار في دارفور. الناسُ يهربون ركضا من دارفور، وأنا أضع نفسي في مكانهم." يتذكر فورتوناتو لونجوك كيف كان يسابق ابن عمه لوبيز لومونغ حول معسكر اللاجئين في كينيا حيث قضيا معا عشرة أعوام قبل مجيئهم إلى نيو يورك عام 2001. ويقول فورتوناتو بأنهم لم يكن ليحلم حتى بأن لوبيز كان يستعد لاحتراف الركض أو أن الأمر سيصل به للركض في الأولمبياد. وهذا الشهر كان فورتوناتو واحدا من 50 عضوا في الجالية السودانية بنيو يورك ممن تجمعوا للاحتفاء بلوبيز لومونغ، احد "الأطفال المفقودين" من السودان، لدى عودته من أولمبياد بكين حيث مثل الولايات المتحدة الأمريكية وقاد فريقها عند مراسم الافتتاح. "لم أكن لأعتقد بأن هناك مستقبل في احتراف الركض" أضاف فورتوناتو، "ولكن لوبيز ألهمني لأري بأن أمامنا مستقبل باهر. إذا استطاع هو القيام بذلك، فسوف أنجح أنا أيضا." وقال الباقون بأن انجازات لوبيز جذبت انتباه الآخرين نحو ما يحدث في جنوب السودان من مآسي وفي نفس الوقت ألهمت الشباب السوداني من اللاجئين وجعلتهم يتابعون أحلامهم. "نشعر بأننا أسرته هنا. فهو لا يعرف مكانا لأمه أو أبيه، لذا نحن أمهاته وأبائه." قالت روزا أبيت التي استوطنت سيراكروز منذ سبع سنوات مضت. "وعندما رأيناه يحمل العلم الأمريكي أثناء الافتتاح لم نشعر بأن العلم أمريكي بل شعرنا أنه يحمل علمنا نحن." كان لوبيز يبلغ من العمر 6 سنوات عندما أخذته قوات الدفاع الشعبي عنوة من الكنسية أثناء حضوره القداس بقرية بويا ليستعملونه في البحث عن الألغام، ولكنه هرب منهم وانتهى به الأمر في معسكر لاجئين في كينيا. وهو يتذكر كيف ركض لثلاث أيام وسط الأحراش تاركا خلفه والديه وأخوين يصغرانه سنا. وبعد ثلاث أيام وصل إلى معسكر للاجئين تديره الكنيسة الكاثوليكية على الحدود بين السودان وكينيا. وبالرغم من أنه فقد أسرته، إلا أنه يقول بأنه من القلة المحظوظة – "هناك آلاف من الأطفال قتلتهم قوات الشمال، أو غرقوا محاولين عبور الأنهار أو قضت عليهم الحيوانات المتوحشة،" يضيف. "ولم يبقى من البنات إلا القلة، فقد عمدت قوات الشماليين إلى اغتصابهن أو خطفهن أو قتلهن." "إن لوبيز يلهم الآخرين لأنه بلغ ما بلغه بالعمل الشاق والانضباط." قال الآب داريوس أوليها ماكوجا، وهو سوداني يعمل أستاذا زائرا بكلية لا موين. "لقد جعلنا نشعر بالفخر وجعل العالم يسمع عنا. وهو رياضي ممتاز وقدوة للمهاجرين الشباب. وقد أشعل الأمل في فلوب أبنائنا وبناتنا الساعين إلى السلام في السودان." وينوي لوبيز بناء عيادة طبية ومكتبة في قريته في السودان. "أعتقد أنه عمل جيد أن أنير الطريق أمام الشباب، لأن الكثيرين منهم يعتقدون بأنه مسدود أمامهم. أريد لقصتي أن تلهمهم للسعي إلى الأمام." ولوبيز طالب في السنة الأخيرة بجامعة شمال أريزونا ويعتبر من خيرة محترفي الركض في أمريكا. "دائما أقول لنفسي بأني لا أريد المكانة الثانية، بل الفوز." يقول لوبيز عن نجاحاته الرياضية. وهو يرتدي دائما خاتما أهدته له والدته بالتبني، بربارا روجرز، قائلا بأنه يجلب له الحظ.
وبعد انتظار دام عشر سنوات اعتقد فيها لوبيز بأنه سيقضي باقي حياته بالمعسكر، جاءت منظمة كاثوليكية تعمل مع اللاجئين الأطفال إلى المعسكر في محاولة إعطاءهم فرصة للحياة الطبيعية. وعندما سألوا لوبيز ماذا سيفعل إذا سافر إلى أمريكا أجاب أنه يريد أن يكون حرا طليقا وسعيدا. وعند وصوله إلى الولايات المتحدة تبنته هو وخمسة من الصبية الآخرين أسرة روجرز من ولاية نيو يورك. وتطلب الأمر بعض الوقت حتى تأكد لوبيز من أنه يستطيع الثقة في أسرته الجديدة وأنه بات له مكان يعيش فيه آمنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق